مفهوم العفة في خواطري

يؤرقني ان ارى واسمع ما يحدث في أحوال بلدي وابناءه من تردي الاحوال وعلى مختلف الاصعدة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ولكن ما يحزنني فعلا فيزيد الارق ألما هو تردي المستوى العام للسلوك بين الشباب في بلدي، دون سابق وعي منهم بأنهم وليس أحد غيرهم سينهض بحال هذا البلد، ان لم ينهضوا هم أولا بمستوى تفكيرهم وان (يَعٍفُوا) بأنفسهم عن ما يدنوا بحالهم من سيء الى أسوء.
وأبدأ خاطرتي هذه عن العفة بسؤال ذو فروع ثلاث:
- ماهي العفة؟
- وما هي مصادر العفة؟
- وكيف يكون الانسان عفيفا؟

أما بالنسبة للاجابة فما هداني اليه الله وما جالت به نفسي من خواطر فإن العفة هي الترفع بالترك عن الامر، أي ان اترك الامر مترفعا عن القدوم به او فعله، فما ان اعلم ان في هذا الامر منكرا (تنكره الانسانية) ترفعت على ان اقوم بمثله او ان افعل مثله، وهذا هو بيت القصيد.
تتعالى الضحكات وتبادل النكات بين الشباب بين الشباب والشابات وبمواضيع أقل ما يقال عنها (+١٨) وهذا للاسف ما وصلنا اليه! ان يستسيغ الشاب بان يتلفظ بكلمات لا تحمل في جعبها الا التجاوز على الحياء ليس امام اقرانه الشباب فحسب، بل انما امام الشابات ايضا!! وما يؤسف عليه اكثر ان تستسيغ الفتاة سماع مثل هكذا نكات من الشباب وتتبادل معهم الضحكات.
فتاة تتحدث مع زميلها الشاب حول ماهو اللون المناسب من الظلال لعينيها لتضعه في حفل التخرج من الجامعة، وهل ان تنزع شعر وجهها قبل يوم او يومين من الحفل!! والمصيبة انه هو يبادلها الاراء والافكار!!! لا اعلى كيف ولكن هل كانت له خبرة مسبقة في هذا الامر؟! أم ماذا؟ وهل ان مسألة فاقد الشيء لا يعطيه هي مسألة نسبية فعلا؟؟؟
يقشعر بدني كلما تذكرت هذه المواقف او فكرت فيها، وأسأل نفسي كيف جرى الحال بهم الى هذا المستوى من التجاوز على الحياء ليس بين الفتى وقرينه، وإنما بين الفتى والفتاة التي لا يمكن ان تقوم العلاقة بينهما الا بمحددات (الصدق، والاحترام، والامانة، ومعرفة المقام والعمل به) وكما اعتقد والله اعلم انها هذه هي مصادر العفة وبابها الحياء، فما ان دخلت الباب وحافظت على هذه المصادر في سلوكياتي كنت في بيت العفة، ومتى ما تركتها وخرجت من الباب، وتجاوزت الحياء، كنت في مسلك لا يحمد عقباه.
فأصبحت افكر من يبدأ بالعفة بنفسه عن هذه المنكرات، الفتى أم الفتاة، فوجدت والله اعلم ان العاتق الاكبر يقع في رقبة الفتى، فهو الاقوى بدنيا وفكريا وله ما يتسنى له من الفرص اكثر منها عند الفتيات وما هذا الا في العموم الغالب ولكل قاعدة شواذ.
فبذلك يجب على الفتى (إن أراد الاصلاح) ان يتحرى الصدق في كلامه، وليتذكر انه (كما تدين تدان) فإن كذبت على اخ لي فسيأتي يوم ويكذب علي أخ لي وإن لم يكن نفسه، وكذلك بالنسبة للفتاة إن كذبت عليها أريد منها سوءا، سيكذب على بنت من بناتي يوما يراد بها سوءا وهذه سنة الحياة، وبناتي هنا أخواتي وكل بنات عائلتي وبنات المسلمين، فحرصي على ان اكون صادقا مع نساء العالمين، ما هو الا حرصي على ان يصدق القول مع بنات المسلمين جميعا.
وفيما يقع على عاتق الفتاة في هذا الامر ومن مصادر العفة على ما اعتقد والله اعلم هو القصد في القول والسلوك الرصين مما يحفظ لها مقامها وهيبتها بين الجميع، فتقول وتحدث وتناقش ولكن ضمن حدود لا تتعداها لألا تنجرح أنوثتها ووقارها وهيبتها، وان تقصد في المشي مما يرفع من رسم خطوات حيائها بين الناس ويبني جسور الاحترام بينها وبين أقرانها الفتية والفتيات.
كما واعتقد انه كما للعفة من مصادر وتتمثل بسلوكيات فإذن إن للعفة مظاهر تأطر تلك السلوكيات فلا تكتمل الصورة الا بإكتمال المظهر مع السلوك، فكما ان على الفتاة ان لا تلبس من الملابس ما يخدش حياءها ويعرضها لمن لا حياء له فعلى الفتى كذلك ان لا يلبس من الملابس ما يظهر ما لا يجوز إظهاره، وكما ان الفتاة كلما قللت من تبرجها وتعطرها لألا تجذب انتباه الفتية فيثنوا على ما لا يجوز لهم الثناء عليه، فعلى الفتى كذلك ان لا يضع من العطور ما يلفت به الانتباه ويجذب به الافئدة قبل الاذهان!!!

كلمات اثارت الافكار في وجداني:
- كان رسول الله أكثر حياء من العذراء في خدرها.
- الحلال بيّن والحرام بيّن وما بينهما امور متشابهة فمن تركها إستبرأ لدينه.
- الاثم هو ما حاك في الصدر وكرهت ان يتطلع عليه الناس.
- الحجاب تاج العفة
- الحجاب غطاء لحلوى، وجد ليحفظها من نهش الذباب

يعلم رب العزة جل في علاه اني ما اردت من مقالي هذا او خاطرتي هذه الا الخير واني لا اشير الى شخص بعينه او اريد التجريح بشخص ما، واني لا اريد الا ان ينتبه شباب بلدي الى ان الامل موجود في صناعة مستقبل زاهر الا إن الامل لا يتحول الى حقيقة من دون عمل.

والله المستعان والله من وراء القصد

Comments

Popular posts from this blog

التبادل الثقافي، توجهات ووجهات

تطور الفكر الداعشي في اوساط التواصل الاجتماعي العربي

مفهوم الغذاء الصحي