نظرة حول التحفيز



تعلمت في دراستي الإعدادية ان التحفيز هو دخول مكون في عملية التفاعل يعمل على تسريع او ابطاء التفاعل والوصول الى النتيجة النهائية للتفاعل بأقل طاقة مستنفذة ووقت مستغرق دون ان يدخل هذا المكون في التفاعل كعنصر متفاعل.
فلما تأملت في هذا المفهوم الخاص بالكيمياء ومن ايماني بأن الحياة ما هي الا تفاعلات لمكونات اجتماعية واقتصادية ونفسية وعقائدية وثقافية لتنتج صورة لمجتمع او شريحة مجتمعية ذات صفات خاصة يمكن تميزها عن غيرها، بت ابحث عن هذا المكون الذي يمكن له ان يساعد على تحقيق الأهداف والارتفاع بمستوى الإنجاز لدى الافراد والمجتمعات بالنتيجة.
فوجدت مصطلح التحفيز (Motivating) في علم الإدارة وقد ألفت فيه الاف الكتب والنظريات منها العربية وخرى كثيرة اجنبية او مترجمة، وبعد مطالعة العديد منها استطعت ان استوعب مفهوم للأسف الشديد يدركه كثير من المدراء او المربين او القادة في المجتمع ولكن لا يطبقونه او لا يستخدمونه، وكانت من أبرز الصور التي يمكن ان يعرف منها عدم استخدام التحفيز هو عدم المشاركة بالأفكار واتخاذ القرارات والتخطيط للعمل مع الموظفين او مع افراد العائلة او مع افراد فريق العمل.
فقد وجدت فيما قرأت وطالعت ان التحيز هو كالاتي:
-         تحفيز خارجي.
-         تحفيز داخلي.
اما التحفيز الخارجي فهو: ما يمارس من جهة ما تجاه جهة أخرى لأجل تحفيزها وتمام المهام على أكمل وجه وغالبا ما يستخدم فيه أساليب الترغيب والترهيب، أي ان اتممت المهمة خلال الوقت المعين وبالمستوى المطلوب فلك كذا وان لم تفعل فعليك كذا.
والتحفيز الداخلي هو: ايمان الفرد بأهمية المهمة او العمل الموكل اليه واهمية إنجازه خلال الوقت المعين وبالمستوى المطلوب، وفي هذه الحالة ان تكون هناك حاجة للتحفيز الخارجي.
مثال ذلك إذا كان هناك شاب في المرحلة الأخيرة من الدراسة الثانوية وكان مؤمنا بأهمية نجاحه وتحصيله المعدل العالي فل يكون هناك حاجة لان يقوم الاب بترغيبه بهدية نجاح كبيرة او سفرة سياحية الى دولة اوربية، حيث سيكون الدافع الداخلي كفيلا جدا بنجاحه واتمامه الدراسة.
السؤال الذي اطرحه هنا وأسأل نفسي أولا هل هناك حاجة للتحفيز؟ هل التحفيز هو حالة ضرورية لسير الحياة وبناء المجتمعات وتطورها؟ وإن كانت الإجابة نعم فأي التحفيزين هو الأهم وهل كلاهما مهم؟
عندما بدأت التفكير والمطالعة حول الإجابة عن هذه الأسئلة ورد الى بالي المفهوم الاتي:
Necessary & Nice مفهوم (ضروري وجميل أو ضروري ومستحب) والذي يعني ان هناك حاجات ضرورية لابد منها وان هناك حاجات ان وجدت فهي حاجات جميلة تكميلية الا انها ليست ضمن الأولوية في الاهتمام.
أنا انظر الى إن التحفيز الداخل مهم وضروري ولابد من إيجاده في داخل الافراد، ولابد من ان تنصب مهمة القيادات الإدارية والتربوية والشبابية على تنمية هذا العامل في نفوس الافراد ممن يحيطون بهم، أما التحفيز الخارجي فلا حاجة ان يكون ضمن الاهتمام حتى، والابتعاد عن التفكير فيه من قبل القيادات بمختلف أنواعها.
تبقى مسألة مهمة ألا وهي كيفية زرع وتنمية عامل التحفيز الداخلي لدى الافراد؟
-     توضيح الرؤيا للأخرين، ان يوضح المدير الرؤيا للعاملين لماذا نريد ان نفعل كذا والى اين نريد انصل، توضح الاهل الرؤيا لأبنائهم لماذا تدخلون المدرسة ولماذا من المهم ان تنجحوا دراسيا، توضيح المعلم الرؤيا لتلاميذه والمدرب للاعبيه والقائد لأمته.
-     المشاركة في اتخاذ القرار وعدم فرضها، فالقرار الذي يفرض لن يتحمس افراد فريق العمل لأدائه وانجازه، لكن القرار الذي يخرج من افراد فريق العمل سيكون نابع من ذاتهم وسيعملون جاهدين على تحقيق أهدافهم من خلاله.
-     التفويض وافساح المجال للأفراد بأن ينجزوا مهمة معينة وان يتخذوا القرارات التي تتيح لهم إنجازها بعد اعطاءهم نصائح وإرشادات عامة، فأن يقوم القائد بفعل كل شيء بنفسه وعلى باقي افراد الفريق ان يمشوا على خطاه ستكون هنالك الكثير من المشاكل والاخطاء التي سيكون الفريق والعمل عرضة لها.
-     ان يكون العمل مصدر علم وتطوير لمهارات الافراد وليس انجاز مهام فقط، فالمكان الذي اعمل فيه لأنجز فقط لن أستطيع من خلاله الابداع وتعلم مهارات جديدة.
أذكر بعد هذه العبارات الإدارية البحتة والجافة في كلماتها قصة عن مدير شركة نورث روب الامريكية لصناعة الطائرات الحربية وهي الأولى عالميا في هذه الصناعة حينما سألوه كيف تدير هذا النجاح فأجاب: "أحدد معهم الأهداف، ونحدد معايير الأداء، ونوزع العمل، ثم ابتعد عن طريقهم لأدعهم يتصرفون".
هذا هو المفهوم الحقيقي للمشاركة وما ينتج عنها من تحفيز داخلي قوي وثابت في نفوس الموظفين، يحدثني أبي عن عمال في فندق كان قد اقام فيه تعجب لإخلاصهم وحبهم للعمل فلما سألهم كانت الإجابة: "إننا هنا نحن من ندير العمل، والإدارة تعمل على تطوير قابلياتنا وقدراتنا من خلال ادخالنا دورات تخصصية -على حساب الفندق -وارسالهم في رحلات لتعلم الفنون الإدارية الجديدة للفنادق الكبيرة" فهم هنا لا يعملون بالأوامر انهم يتعلمون كيف يصدرون الأوامر لأنفسهم ويحركون نفسهم ذاتيا.
إن التحفيز الخارجي والتشجيع بالكلمات الجميلة وشهادات التقدير والمكافئات المادية والمعنوية على أهميته فنحن في أمة لا نحتاجه وهذا ما أضن واعتقد وأؤمن به أنا، فهذه الأساليب انتشرت كثيرا في مؤسساتنا وبيوتنا وعشعشت في عقولنا امدا طويلا من الزمن وما هي النتائج؟ انخفاض معدلات ارتفاع نسب التنمية البشرية في بلدان الوطن العربي!
إننا في مرحلة بأمس الحاجة للتحفيز الداخلي وهو مهمة كل فرد في المجتمع كل من مكانه، فعلينا ان نمت هذه الثقافة في أنفسنا ونطورها وننشرها في مجتمعاتنا مهما صغرت بداية بالمنزل ثم العمل والمقهى مع الأصدقاء وعلى الانترنت في صفحات الفيس بوك والتويتر.

Comments

  1. طاقات شبابنا كبيرة وابداعية وخلاقة فقط تحتاج لتحفيز سواء في العمل او الدراسة او حتى في البيت .. تدوينة رائعة بحق، وخلاصة جميلة لموضوع التحفيز دمت مبدعاً عزيزي مهند

    ReplyDelete
    Replies
    1. شكرا لك اخي العزيز، وان شاء الله اكون عند حسن ظنك بية

      Delete
  2. جميل جدا.........الحافز الداخلي سر التقدم على الصعيد الشخصي وعلى الصعيد العام...

    ReplyDelete
    Replies
    1. بالفعل انه سر التقدم،، وعلينا ان نوليه اهتمامنا فعلينا ان نحدد اهدافنا ونحدد كيف لنا ان نحفز انفسنا ذاتيا داخليا وخارجياثم ننطلق لتحقيق الاهداف وتحقيق الانجاز،،، شكرا لمروركم الجميل :)

      Delete

Post a Comment

Popular posts from this blog

التبادل الثقافي، توجهات ووجهات

تطور الفكر الداعشي في اوساط التواصل الاجتماعي العربي

مفهوم الغذاء الصحي